قيادة تاريخية أنجبت العديد من القادة الكفؤين ورغم أن هذه الانتصارات العسكرية رُبطت كلها في أذهان الكثيرين في العالـم باسم الجنرال جياب، الذي بات يُعتبر أحد أبرز الاستراتيجيين العسكريين في القرن العشرين، إلا إن واقع الحال أن القادة العسكريين الذين انجزوا مهمة التحرير في السبعينيات الـماضية كانوا من جيل جديد من الضباط. فقد استطاع جياب ورفاقه في القيادة الفيتنامية، وفي الـمقدمة القائد الاستثنائي هو شي منه، أن يُوجدوا إطارات كفاح وقيادة أنجبت القائد تلو القائد والعسكري الفذ تلو الآخر. وعندما رحل هو شي منه في العام 1969، في أوج الـمعارك مع الأميركيين (وقد ظنّوا لوهلة أن رحيله سيؤثر على معنويات الفيتناميين)، استمر الكفاح الفيتنامي ضد الاحتلال الأميركي بنفس درجة الكفاءة والفعالية، كما استمرت الـمفاوضات في الوقت ذاته في العاصمة الفرنسية باريس بين الطرفين
الـمتواجهين، وبنفس الكفاءة والصلابة اللتين وسمتا الـمفاوضات التي سبقت.وعندما دخلت قوات التحرر الفيتنامية عاصمة الجنوب في أواخر نيسان العام 1975،
واضطر السفير الأميركي وطاقمه الى الهرب من سطح سفارته بالطائرات الطوافة (الهيليكوبتر)، خرجت مجلة "تايم" الأميركية الأسبوعية بغلاف يظهر خارطة فيتنام الـموحدة وفوقها رسم كبير للزعيم الفيتنامي الراحل هو شي منه وكلـمة كبيرة تحت الرسم: "ذي فيكتور"... "الـمنتصر".أي إن استراتيجية التحرير الفيتنامية التي وضعها هو شي منه ورفاقه منذ ثلاثينيات القرن العشرين قادت الى تحقيق الأهداف الـمرجوة... في السبعينيات، وحتى بعد رحيل القائد، الذي ملّك شعبه ورفاقه في القيادة كل الكفاءات الضرورية لـمواصلة الـمعركة وتحقيق الانتصار،
بالرغم من فداحة الثمن، خاصة على الصعيد البشري (ملايين الضحايا في الحربين).وفي زيارة قمنا بها لفيتنام في العام 1979، سألنا بالطبع عن الجنرال جياب، لكونه الشخصية الفيتنامية الأشهر بعد هو شي منه، فكان يقال لنا إن هناك العديد من الجنرالات والقادة العسكريين الكفؤين في جيش فيتنام، وبعضهم قاد الـمعركة الحاسمة في الجنوب في العام 1975. وقد التقينا بالفعل بعدد من هؤلاء، كما التقينا برئيس جبهة تحرير جنوب فييتنام، الذي كان قد أصبح نائباً لرئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية. وقد لفت الانتباه في كل زياراتنا للـمواقع في الشمال والجنوب أن القيادات التي عاصرت هو شي منه تكاد تتسم كلها أو معظمها بصفات متشابهة، وخاصة على صعيد التواضع والابتعاد عن التعجرف والتعالي والادّعاء، وتعتمد أسلوباً إنسانياً ودوداً وبسيطاً في التعامل مع الناس عموماً، وهي صفات يبدو أنها كانت مستقاة من شخصية هو شي منه نفسه، كما ورد عنه في الكتابات الكثيرة وفي روايات من قابلوه من الكتّاب والصحافيين ورجال السياسة من أنحاء العالـم.
على تواصل مع الثوار
معلم فحمه ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق